تشهد العلاقات بين الجزائر والإمارات العربية المتحدة توترًا متصاعدًا في السنوات الأخيرة، نتيجة تباين المواقف السياسية والاستراتيجية بين البلدين وتصاعدت الأزمة في الأيامات الأخيرة وأخذت منعرجا خطيرا.
وفي مقدمة الأزمة الملف الليبي حيث تدعم الإمارات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بينما تساند الجزائر حكومة طرابلس المعترف بها دوليًا. وكانت القوات المسلحة للمشير خليفة حفتر قد تقدمت مؤخرا في أعماق التراب الجنوبي الليبي حيث اقتربت من الحدود مع الجزائر وتباينت ردود الفعل الإقليمية والدولية تجاه هذه التحركات. ففي حين اعتبرتها بعض الأطراف محاولة لتعزيز الأمن على الحدود، رأت فيها الجزائر تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. كما أن هذه التحركات قد تؤثر على التفاهمات الاقتصادية بين الجزائر وليبيا، خاصة بعد إعلان شركة سوناطراك الجزائرية عن استئناف نشاطها في ليبيا. ومن المتوقع مستقبلا أن تتخذ الجزائر إجراءات دبلوماسية وأمنية لحماية مصالحها. ومن جهة أخرى ترى الجزائر في دعم الإمارات للمغرب في قضية الصحراء الغربية على أنه تدخلًا في شؤونها الإقليمية، خاصة وأن الجزائر تدعم جبهة البوليساريو. ولقد تبنّت الإمارات موقفًا ثابتًا ومعلنًا في دعم سيادة المغرب على كامل أراضيه، بما في ذلك الصحراء الغربية. وهو دعم سياسي ودبلوماسي معلن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أكد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ شخبوط بن نهيان على موقف بلاده الثابت المؤيد للوحدة الترابية للمغرب ولسيادته على كامل أراضيه، بما في ذلك الصحراء المغربية، ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب كحل للنزاع. كما افتتحت الإمارات قنصلية عامة لها في مدينة العيون بالصحراء الغربية، لتكون أول دولة عربية تقوم بهذه الخطوة، مما يُعدّ اعترافًا عمليًا بسيادة المغرب على المنطقة. وفي هذا الصدد، وقّعت الإمارات والمغرب اتفاقيات تعاون اقتصادي تشمل مشاريع تنموية في الصحراء الغربية، مما يعكس التزام الإمارات بدعم التنمية في الأقاليم الجنوبية للمغرب.
وفيما يخص التطبيع مع إسرائيل، تعارض الجزائر بشدة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وترى في الخطوات الإماراتية نحو التطبيع تهديدًا لمواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية. وعندما جاء قرار التطبيع، يوم 13 أوت 2020، حيث أعلنت الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل عن توصلهما إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، أصبحت الإمارات ثالث دولة عربية، بعد مصر (1979) والأردن (1994)، وأول دولة خليجية تُقيم علاقات رسمية مع إسرائيل. وتضمن الاتفاق إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين، بما يشمل تبادل السفراء وفتح السفارات، وتطوير التعاون في مجالات متعددة مثل الاقتصاد، التكنولوجيا، السياحة، الأمن، والصحة. كما نص على احترام السيادة المتبادلة وحل النزاعات بالطرق السلمية. ورغم أن الإمارات أعلنت أن الاتفاق يهدف إلى وقف خطة إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية، إلا أن الاتفاق لم يتضمن التزامًا إسرائيليًا صريحًا بوقف أو تأجيل الضم. ولقد اتهمت الجزائر كذلك الإمارات بالتدخل في شؤونها الداخلية، ونبهت السفير الإماراتي بالجزائر رسميا، مما أدى إلى توتر دبلوماسي بين البلدين. فاتُخذت الاجراءات بتعليق الاستثمارات مثل مشروع دنيا بارك. وحذرت الجزائر مسؤوليها من السفر وعبور مطارات الإمارات، وشنت وسائل الإعلام الجزائرية هجومًا حادًا على الإمارات، وُصف بأنه بيان حرب، نتيجة لتصريحات أعتُبرت مسيئة للجزائر.