ندد الرئيس التونسي قيس سعيّد خلال استقباله المستشار الأول للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط والعرب وأفريقيا، بالتقصير الدولي الفاضح في مواجهة المجاعة والكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
وخلال اللقاء الذي جرى في قصر قرطاج، عبّر سعيّد عن استنكاره الشديد للصمت العالمي إزاء ما يتعرض له الفلسطينيون من حصار وتجويع ممنهج، مؤكدًا أن ما يحدث في غزة لم يعد مجرد أزمة إنسانية بل جريمة أخلاقية وتاريخية بحق الإنسانية جمعاء. وقال الرئيس التونسي أن المجاعة أصبحت سلاحًا تستخدم ضد المدنيين، أمام ضمير إنساني يغفو هذا الإجرام، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف هذه المأساة، وتحمّل مسؤوليته تجاه الشعب الفلسطيني، في ظل تقاعس المنظمات الأممية عن فرض المساعدات الإنسانية وتوفير الحماية اللازمة. كما أكد سعيّد أن موقف تونس ثابت في دعم الحق الفلسطيني غير القابل للتصرف، مشيرًا إلى أن القضية الفلسطينية تظل جوهر العدالة في العالم العربي ولن تسقط بالتقادم. وحمل نداء الرئيس التونسي قيس سعيّد بشأن المجاعة في غزة أبعادًا سياسية وإنسانية ورسائل موجّهة لعدة أطراف إقليمية ودولية. ويستغل قيس سعيد مناسبة قدوم مسؤول سامي في إدارة ترامب ليحاول إعادة تسليط الضوء على الوضع الكارثي في غزة، حيث تحوّل الحصار إلى سلاح تجويع بإدراج مصطلحات مثل جريمة أخلاقية وتقصير دولي وهو ليس مجرد تنديد بل تأطير قانوني يُحمّل المجتمع الدولي مسؤولية مباشرة، في ما يمكن اعتباره تواطؤًا بالصمت أو فشلًا مؤسساتيًا للمنظمات الأممية.
كما حمل اللقاء مع مستشار ترامب رمزية خاصة بما أن الرئيس الأمريكي الأسبق، جو بايدن، كان محسوبًا على سياسة داعمة لإسرائيل بشكل علني، ما يجعل هذا الاستقبال بمثابة رسالة مزدوجة: حوار من موقع الاختلاف، لكنه مصحوب بلهجة حادة بشأن غزة. ولقد عمد الرئيس التونسي ألا يسمي إسرائيل صراحة، لكنه لمّح بوضوح إلى أنها تتحمل مسؤولية المجاعة كسلاح، وهو اتهام خطير يُقارب تهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. أما بالنسبة للدول العربية، وفي ظل التطبيع المتسارع، تكرس تونس خطابًا مبدئيًا اعتبارا فلسطين جوهر العدالة العربية، ما يُفهم من موقف تونس من صفقات التطبيع ولتحميل الآخرين مسؤولية الصمت. وبهذه المناسبة يعود قصر قرطاج فضاءً دبلوماسيًا فاعلًا في القضايا الإقليمية قريبًا من الشارع العربي، لكنه في ذات الوقت يستعمل لغة قانونية وحقوقية تجعل من بيانه وثيقة إدانة رمزية قابلة للتوظيف دوليًا. إن تصريحات قيس سعيّد تُجدد تموضع تونس كداعم صريح وغير مشروط للقضية الفلسطينية، في لحظة إقليمية تشهد تراجعًا في الاهتمام الرسمي. لكنه يضع الدولة التونسية كذلك في معادلة دقيقة، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية التي قد تترتب على تبني هذا الخطاب.