وبحسب مصادر ميدانية، فإن حفتر يواصل تعزيز مواقعه في مناطق قريبة من خطوط التماس مع القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، وسط مؤشرات على نية معلنة أو غير معلنة للزحف نحو العاصمة طرابلس. ويبدو أن الجنرال حفتر يسعى لتوسيع نفوذه وفرض سيطرته على ما تبقى من الأراضي الليبية خارج سيطرته، مستغلاً حالة الجمود السياسي والانقسامات العميقة بين الأجسام السياسية والعسكرية في البلاد. وتأتي هذه التحركات في ظل غياب توافق دولي واضح حول المرحلة الانتقالية القادمة، وفي وقت تعاني فيه طرابلس من هشاشة أمنية وتناحر داخلي بين التشكيلات المسلحة. الدعوات للتهدئة ما تزال مستمرة من بعثة الأمم المتحدة والدول الفاعلة، إلا أن لغة الميدان توحي بإمكانية انفجار الوضع في أية لحظة، ما يُنذر بتقويض جهود التسوية وإعادة البلاد إلى دوامة الحرب مجددًا.
وتبقى حكومة عبد الحميد الدبيبة، المعترف بها دولياً، تسيطر فعلياً على ما لا يزيد عن 25% من الأراضي الليبية، وهي مناطق تتركز أساساً في الشمال الغربي من البلاد، خصوصاً العاصمة طرابلس وضواحيها، بالإضافة إلى مدن ساحلية كبرى مثل الزاوية ومصراتة. هذه الرقعة المحدودة جغرافياً تفتح على جارتها تونس عبر معبري رأس جدير والذهيبة، ما يجعل الحكومة تعتمد بشكل كبير على التنسيق مع تونس لضمان حركة السلع والأفراد، ولبقاء منافذها مع الخارج مفتوحة نسبياً. ورغم هذا الوجود الميداني المحدود، فإن حكومة الدبيبة تحتفظ بدعم سياسي خارجي من قوى غربية وأممياً، إلى جانب تحالفات داخلية مع تشكيلات مسلحة قوية في طرابلس ومصراتة، ما يمنحها قدرة على الصمود، لكنها تبقى محاصرة في مواجهة تمدد قوات خليفة حفتر الطامحة لإعادة بسط السيطرة على كامل التراب الليبي.