أعلنت السلطات القضائية الفرنسية عن فتح تحقيق رسمي بشأن شبهات تمويل غير قانوني طالت الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبالأخص تورط مجمع الاستشارات الأمريكي الشهير ماكينزي (McKinsey).
التحقيق يشمل التحقق من عقود واتفاقيات استشارية كانت قد أبرمتها الحكومة الفرنسية مع ماكينزي خلال فترة رئاسة ماكرون الأولى، وسط شبهات بوجود تداخل مريب بين هذه العقود ودعم مباشر أو غير مباشر لحملته الانتخابية بين سنة 2017 و2022. وتتركز الشبهات حول ما إذا كانت شركة ماكينزي قدمت خدمات مجانية أو بأقل من قيمتها الحقيقية، ما قد يُعتبر تمويلًا غير مصرح به ومخالفًا لقانون الانتخابات الفرنسي. الرئيس ماكرون نفى مرارًا وجود أي علاقة غير قانونية تربطه بالشركة، مؤكدًا أن كل شيء تم وفقًا للقانون. لكن الضغوط السياسية تتصاعد مع دعوات من المعارضة والشارع الفرنسي لمزيد من الشفافية، خصوصًا بعد تسريب وثائق داخلية توحي بعلاقة أعمق مما تم الإعلان عنه بين فريق ماكرون الانتخابي وماكينزي. يُذكر أن شركة ماكينزي كانت قد حصلت خلال سنوات قليلة على عقود حكومية بملايين اليوروهات في قطاعات التعليم والصحة والدفاع، مما أثار تساؤلات حول نفوذها المتنامي داخل الإدارة الفرنسية.
وتُعد هذه القضية واحدة من أخطر الأزمات السياسية التي تواجه الرئيس ماكرون في ولايته الحالية، وقد تكون لها تداعيات قانونية وسياسية حاسمة في الفترة المقبلة. وتأتي هذه القضية في سياق سياسي حساس في فرنسا، حيث تزايدت الدعوات لتطبيق مبدأ المساءلة على الجميع، خاصة بعد إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في قضايا تمويل غير قانوني لحملاته الانتخابية، ما أدى إلى الحكم عليه بالسجن الفعلي في أكثر من قضية. وتُنظر إلى التحقيق مع ماكرون على أنه توسيع لدائرة المحاسبة نحو أعلى هرم السلطة، في وقت يطالب فيه الفرنسيون بتطهير الحياة السياسية من النفوذ المالي غير المشروع، وبتعزيز الشفافية في تمويل الحملات الانتخابية. ويرى مراقبون أن هذه القضية قد تُغيّر قواعد اللعبة السياسية في فرنسا، وتدفع لإصلاحات جذرية في العلاقة بين الدولة والشركات الاستشارية متعددة الجنسيات، وعلى رأسها ماكينزي التي أصبحت رمزًا لما يسمى بالنفوذ غير المرئي في صنع القرار الحكومي.