وحسب ما أوردته تقارير اقتصادية مقربة من الحكومة، تحتاج أوكرانيا إلى جمع ما لا يقل عن 65 مليار دولار لتغطية التزاماتها الأساسية. وستُخصص 40 مليار دولار منها لسداد المتخلدات المالية والديون السيادية، فيما سيوجه 25 مليار دولار لتكثيف إنتاج الطائرات المسيّرة، في ظل تصاعد أهمية الطيران دون طيار في المواجهات مع روسيا. وفي خطوة جديدة، توجه زيلينسكي إلى الحلفاء الغربيين بطلب دعم إضافي مباشر، ليس فقط لتمويل المعدات العسكرية، بل أيضًا لخلاص أجور الجنود في الجيش الأوكراني، وهو ما يعكس الضغط المالي الذي تمر به كييف. هذا الوضع المالي المعقد يأتي في ظل بوادر تعب داخل بعض الدوائر الغربية من تمويل الحرب طويل الأمد، مما قد يضع زيلينسكي أمام خيارات صعبة إن لم يُؤمَّن الدعم الكافي. وترجع أسباب هذه الأزمة منذ بداية الغزو الروسي في فيفري 2022، حيث أصبحت أوكرانيا معتمدة بشكل كبير على المساعدات الغربية لتأمين جبهتها العسكرية والاقتصادية. ومع دخول الحرب عامها الرابع، بدأت تظهر علامات الإرهاق في دعم بعض الدول الغربية، خاصة مع التحولات السياسية في أوروبا والولايات المتحدة. وتعكس هذه الأزمة تراكم الالتزامات الناتجة عن الاقتراض المكثف خلال سنوات الحرب لأن أوكرانيا إقترضت من صندوق النقد الدولي، الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، إضافة إلى إصدار سندات.
وفي خطة تنتهج خطى الانموذج الحربي الإيراني أو التركي، خيرت أوكرانيا صنع الطائرات المسيّرة لتعويضها بالطائرات المقاتل وهو ما يضع أوكرانيا أمام مصاريف عملاقة ليصبح زيلنسكي يطلب المزيد. وأمام هشاشة الموارد الذاتية للدولة، يتعرض زيلنسكي كذلك للضغط داخليًا بسبب طول أمد الحرب. وتأتي طلباته المتكررة في ظل تراجع الإدارة الأمريكية وزيادة الانقسامات داخل الكونغرس في وضع نصيب من الدولارات محترم لأوكرانيا. إلا أن الآن أصبح زيلنسكي يمد يده نحو الاتحاد الأوروبي الذي هو كذلك يواجه بدوره أزمة اقتصادية، ما يجعل بعض الحكومات أكثر تحفظًا لتمكين أوكرانيا من التمويل. وقد ترى بعض الدول ضرورة وضع الإصلاحات والرقابة المالية الصارمة على أوكرانيا مما يضيف على كييف ضغوط مشروطة بالشفافية. وإذا لم يتحصل زيلنسكي على تمويل محترم، فإن أوكرانيا ستتوقف عن الدفع ولا تعد توفي بإلتزاماتها وستتدهور قيمة العملة المحلية وتنهار المعنويات في الجبهة العسكرية. والفائز الوحيد: روسيا، نتيجة ضعف اقتصادي أوكراني. فإما أن ينجح زيلنسكي في إقناع الغرب بضخ تمويل إضافي بشروط صارمة، أو ستواجه البلاد اهتزازات داخلية ستعصف باستقرارها الاقتصادي والعسكري. نجاح زيلينسكي مرهون في إدارة هذه المرحلة وحاسمًا لبقاء بلاده في المعادلة الجيوسياسية الأوروبية.