أساء العديد من المستشارين والمسؤولين السياسيين تفسير زيارة مبعوث الرئيس بايدن ، جوناثان فينير ، نائب مدير الأمن الوطني،..
ولتفسير مؤاخذات هذه الزيارة لا بد من التذكير أن لا مصلحة إستراتيجية أو اقتصادية في تونس للولايات المتحدة إذا لم تكن فقط الصداقة التاريخية منذ 1797 ، وتأكدت في الستينيات كقطب استراتيجي سياسي حين كان الزعيم حبيب بورقيبة يقود البلاد حيث اتسمت خطواته نحو توطيد العلاقة مع الرئيس كينيدي ، الذي استشاره في العديد من الأزمات ، بما في ذلك أزمة خروتشوف .
كما أن على عكس ترامب ومثل أوباما ، فإن الرئيس بايدن ملتزم بالديمقراطية في كل مكان. ولهذان السببان شعر الرئيس الأمريكي اليوم ومعه الإدارة الأمريكية بالقلق ابان حدث 25 جويلية.
خلافا لما يقوله البعض في تونس ، الرئيس بايدن لا يحاول فرض إملاء على تونس وما تؤيده رسالته إلى الرئيس قيس سعيد سؤال موجه اليه، وهو سؤال واحد طرحه جميع العواصم الأوروبية: متى سيقع تحديد التاريخ الذي يعين فيه الرئيس رئيس وزراء جديد ويأمر بإجراء انتخابات برلمانية جديدة؟ ولطالما عرفت الإدارة الأمريكية الفساد الذي أعاق تونس لمدة 10 سنوات مع مجلس نواب منتخب بمساعدة المال الفاسد ، فإن الإدارة الأمريكية ولجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس الأمريكي التي منذ 25 جويلية لم تشكك أبدًا في القرار الرئاسي بإيقاف اعمال البرلمان ، وهو أمر شرعي كما جرى في فرنسا أو إيطاليا أو في أي مكان آخر ، فإن الشاغل الوحيد المخيف للمجتمع الدولي وواشنطن هو أن الرئيس التونسي ، على عكس نظرائه في نفس الوضع ، لا يعين رئيس وزراء جديد ، ولا يحل البرلمان ، ولا يعلن موعد للانتخابات، هذا ما لا ينتظره الجميع.
إن البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي والعواصم الأوروبية لا يريدون العمل مع البرلمان الحالي ، وفي رسالتهم الى الرئيس يؤيدون بكل وضوح قرار 25 جويلية إلا أن الرئيس استغرق وقتا طويلا لإصدار قراره وهو ما اثار القلق في واشنطن من مخاطر المزيد من التخندق في الإسلام السياسي.. و دون التدخل في الشؤون الداخلية يرى الرئيس بايدن حدث يوم 25 جويلية فرصة للعودة إلى الديمقراطية البرلمانية الجدية، و على حد فهمه ، ولتقديم الدعم له ، لا بد من تحديد الطرف المقابل إلا انه قلق فقط من عدم وجود قرار فوري من رئيس الدولة لتعيين المسؤولين الاساسيين. التاريخ يؤكد أن تونس ستظل حليفة للولايات المتحدة وجاءت هذه الرسالة لترسيخ الود والمحبة بين الشعبين وكرد على المشككين ورسالة للخبراء السياسيين الزائفين الذين أساءوا تفسير زيارة السيد فينر لقرطاج ، وهو كذلك رد على البيانات الصحفية الصادرة في العواصم الأوروبية الذين يدفعون فقط لإضعاف الرئيس ويعارضون ارادة الشعب التونسي.
وتكمن المفاجأة الكبيرة في هذا الشوط من أحداث 25 جويلية عندما برر الرئيس تأخره و قدم أسبابه وخفف من مخاوفهم. لان الرئيس له أسبابه ومبرراته وسيعلن في اجتماع لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس يوم الثلاثاء المقبل محتوى هذه التبريرات ومدى استعداد الرئيس قيس سعيد الاعلان عن الشوط القادم.