البارون الفرنسي دي كوبرتان، شخصية بارزة في العالم الرياضي، وهو كاتب ومعلم، طرح في سنة 1896 بمدينة أثينا، فكرة مسابقة الألعاب الأولمبية، فترك بصمة كونية وأصبحت فكرته تأويها وتجسدها على أرض الواقع كل دول العالم. هذه السنة، النسخة الثالثة والثلاثون ستنظمها باريس.
منذ أقدم العصور، كانت الرياضة تقتصر في مسابقات الركض أو سباق العربات، أو الرماية، أو المصارعة أو بعض الأنشطة الأخرى المتعلقة بالممارسة الترفيهية للسكان أو للتدرب في فنون القتال العسكري. في اليونان القديمة، وفي منتصف الطريق بين تكريم الموتى والعبادة الدينية، تطورت تخصصات أخرى مثل الوثب الطويل ورمي القرص أو الرمح والملاكمة (الضرب) والهوكي. وإزدهرت الملاعب والساحات العمومية وميادين السباق داخل المدن لإستيعاب هذه الأنشطة، واكتشفت الحضارات التي جاءت بعد اليونانيون مميزاتها خلال الألعاب الهيلينية في أولمبيا ودلفي ونيميا وعلى برزخ كورنث.
ولقد أتى الفرنسي دي كوبرتان بفكرة توحيد هذه الألعاب في موقع واحد، كما أراد أن يجعل من هذه الرياضات، ألعابا أولمبية وعاملا مساعدا وداعما للسلام، وحتى تسمح كذلك بمواكبة الاختراعات والتقدم الصناعي. الحملة التي أطلقها في سنة 1892 كانت من منبر جامعة السوربون في باريس أين دعا إلى إحياء الألعاب القديمة التي عرفت بالمجد والشهرة أيام الإغريق. وردا على الذين انتقدوا فكرته، قال: من يشاهد 30 ألفا يسرعون الخطى تحت المطر لمتابعة مباراة في كرة القدم يتأكد أنني لا أبالغ. فلقيت أفكار كوبرتان التصفيق والإعجاب من قبل الحاضرين، لكن العديد منهم إعتبروا أنها مجرد حماسة شاب التي لا بد أن تهدأ سريعا. لكن البارون، عكس الهجوم، وتمتع بتأييد البروفسور سلوان في جامعة برنستون عندما قام بجولة في إنجلترا والولايات المتحدة وبدعم ثمين من السويد ونيوزيلندا. وفي اجتماع في جامعة السوربون دعا فيه مندوبي كل دول العالم، وجدد البارون ما سبق في محاضراته وجولاته، وأكد أن دعوته سترى النور لا محالة، فلم يبق له سوى تحديد انطلاق تاريخها من أثينا، موطنها الأصلي، سنة 1896.