في أعقاب الحرب التجارية التي يشنها دونالد ترامب على السلع الأجنبية الواردة على أمريكا، ينخفض سعر الدولار بصفة جنونية أمام كل العملات العالمية، لكن وراء تدهور الدولار تكتيك مخفي أراد ساكن البيت الأبيض فرضه على العالم.
ولقد وصل الدولار الأمريكي، يوم الجمعة 11 أفريل 2025، إلى أدنى مستواه منذ سنة 2021 مقابل اليورو، حيث استقر الدولار الواحد مقابل 0.88 يورو. وتدل هذه العلامة انعدام الثقة للدولار في الأسواق العالمية. ويرى بعض الملاحظين أن السبب الرئيسي يأتي من ساكن البيت الأبيض الذي يتناقض في تصريحاته وينتج موجات سلبية في الأسواق العالمية. وفي ظل انعدام دولار قوي كضمان للمستثمرين لتمويل العجز الهيكلي الهائل في الولايات المتحدة؛ فإن ترامب يتهم كل دول العالم بـنهب وتخريب واغتصاب وتدمير الاقتصاد داخل بلاده، وقد اختار وضع خطة حمائية بفرض رسوم جمركية متبادلة على كل من لا يشتري السلع الأمريكية ويسعى بذلك إلى إضعاف العملة الأميركية بغاية تحفيز القدرة التنافسية للصادرات الأميركية. وسيستغرق بعض الوقت للدولار حتى يفقد مكانته المهيمنة في العالم. إن الانخفاض الحاد في قيمة الدولار يعمل بمثابة مقياس لمشاعر بيع أمريكا في الوقت الحالي وقد تتحول المعاملات التجارية العالمية نحو الملاذات الآمنة التقليدية الأخرى مثل الفرنك السويسري والين الياباني أو حتى اليورو.
وسيظل لعملة اليورو مستقبلا رئيسيا لتدفقات الدولار الخارجية، والارتفاع الهائل في قيمة اليورو مقابل الدولار الأميركي سيرجع بالكامل تقريبا إلى فقدان الثقة في الدولار، وهو مبرر بعيد على الإطلاق بالديناميكيات الأساسية لأسعار الفائدة قصيرة الأجل. إذا الزوج يور دولار استقر في مستوى 1.15 فهو هدف معقول على المدى القصير ما لم تعيد القرارات المتخذة في واشنطن بعض الثقة في الدولار. لكن الأمر المحتمل جدا، أنه سيواصل إلى مستويات 1.20 في غضون عام 2026. وحتى ترجع عجلة الاقتصاد العالمي إلى الدوران الطبيعي مجددا، فإن دول العالم ستظطر لإعادة الثقة في السلع الأمريكية بدولار منخفض إلى أن يرجع بريق الدولار الأمريكي، بعد سنوات، وبعد أن وضع التكتيك الترامبي في الخدمة المصانع وقضى على البطالة في أمريكا. هذا ما قرره دونالد ترامب للهيمنة على الاقتصاد العالمي، ويفعل ما وعده أثناء حملته الانتخابية أن يجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى.