Nous suivre


الشركات الأهلية في تونس: فكرة مبتكرة أم حلم مستحيل؟

les societes communautaires
les societes communautaires


كتب : نذير عزوز / تونس - المساء / 03/05/2025 سياسة

في خطوة مبتكرة تهدف إلى تطوير النظام الاقتصادي في تونس وتعزيز فرص التشغيل، يقترح الرئيس قيس سعيد على الشعب التونسي إنشاء الشركات الأهلية كأداة لتعزيز المشاركة الفعالة للعمال في إدارة الشركات وملكيتها.


     
  


هذه الفكرة تقوم على تحفيز العمال حتى يكون لهم نصيب من رأس مال الشركة، ما يعزز مسؤوليتهم تجاه المؤسسة التي يعملون بها ويسهم في خلق بيئة عمل أكثر استدامة، إلا أن التطبيق الفعلي لهذه الفكرة يواجه تحديات كبيرة، ويبدو أن هذه التجربة قد قوبلت بردود فعل سلبية من قبل العديد من التونسيين. هذه الفكرة، على الورق، تبدو جذابة حيث تقوم على خلق بيئة تنافسية بين الشركات وتحقيق العدالة الاجتماعية بين أصحاب العمل والعاملين ووفقًا لإحصائيات البنك الدولي، يمكن أن تساهم مثل هذه المبادرات في تحسين الإنتاجية وتقليل الفجوة الاقتصادية بين الطبقات الاجتماعية. ورغم إيجابية الفكرة في ظاهرها، إلا أن عملية التنفيذ في الواقع التونسي تواجه العديد من العقبات التي تجعلها تبدو بعيدة المنال. ومن أبرز هذه التحديات: الرخص الإدارية المعقدة. ويعد النظام الإداري في تونس أحد أكبر العوائق أمام إنشاء الشركات الأهلية. فالرخص المتعددة والمعقدة التي يجب الحصول عليها لتأسيس أي نوع من المشاريع هي مسألة تشكل قيدًا كبيرًا على المستثمرين، سواء كانوا رجال أعمال أو عمال. ووفقًا لإحصائيات البنك الدولي، يحتاج المستثمرون في تونس إلى ما لا يقل عن 10 رخص مختلفة من أجل إطلاق مشروع جديد، وهو ما يستغرق وقتًا طويلاً ويمثل عبئًا إضافيًا على المستثمرين. وواحدة من النقاط التي أثارت القلق هي شرط أن تتكون الشركة الأهلية من خمسين شريكًا على الأقل. هذا الشرط يحد من قدرة الأفراد على تجميع الشركاء بسهولة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تعيشها تونس. والسؤال الذي يردده التونسي كثيرا حول الشركات الاهلية: كيف ستتخذ هذه الشركات القرارات وعلى رأسها خمسون قائد؟ فعملية تجميع 50 شريكًا يشكل تحديًا كبيرًا في بلد يعاني من البطالة وضعف القوى الاقتصادية. ووفقًا لدراسة أصدرتها الغرفة التجارية التونسية، فإن أكثر من 30% من المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تونس لا تتمكن من النجاح بسبب القيود على تكوين الشراكات وضغط اللوائح الإدارية. إن العوامل التي جعلت الفكرة غير مقبولة على نطاق واسع هو غياب الثقة في النظام الإداري والاقتصادي الحالي. فالشعب التونسي يعاني من شعور مستمر بعدم العدالة في توزيع الثروات والفرص، ولذلك قد يرى العديدون أن هذه الشركات الأهلية لا تعدو كونها مجرد وسيلة لإلهاء الناس دون أن توفر حلاً حقيقيًا للأزمة الاقتصادية. بحسب استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إيبسوس في 2023، أفاد 70% من التونسيين بأنهم لا يثقون في قدرة الحكومة على تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، مما يزيد من التشكيك في فعالية هذه المبادرة.



إقرأ كذلك: ( نشر يوم 2025-01-23)
روسيا تنسحب من ميناء طرطوس السورية



المجتمع التونسي، بطبيعته، غير مهيأ بعد لتقبل مفهوم المشاركة الجماعية في ملكية الشركات، خاصة بعد سنوات طويلة من تركز السلطة في يد عدد قليل من رجال الأعمال. إضافة إلى أن عقلية العمل الجماعي والتضامن بين العمال ليست سائدة على النحو الذي يمكن أن يضمن نجاح هذه الشركات. وتشير دراسة صادرة عن معهد البحوث الاقتصادية التونسي إلى أن 40% من العمال التونسيين يفضلون بيئة العمل التقليدية التي يسيطر فيها صاحب العمل على اتخاذ القرارات، مما يعكس ضعف الثقافة التعاونية في بيئة العمل. إذا لم يتم تحسين بيئة الأعمال في تونس، فقد تُعتبر فكرة الشركات الأهلية مجرد محاولة لإضفاء طابع إصلاح على نظام اقتصادي يعاني من التحديات الهيكلية الكبيرة. مع استمرار البيروقراطية التي تضع عوائق أمام الاستثمارات، قد يؤدي الفشل في تطبيق هذه الفكرة إلى تعزيز الشعور بالإحباط لدى المواطنين، وزيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. في عام 2024، أفادت دراسة للبنك الدولي بأن نسبة النمو الاقتصادي في تونس لم تتجاوز 2.5% سنويًا، في حين أن الدول المجاورة مثل المغرب شهدت معدلات نمو أكبر بكثير. لا يمكن إنجاح فكرة الشركات الأهلية دون أن يكون هناك إصلاح جذري في نظام الأعمال في تونس بل يجب إعادة النظر في القوانين البيروقراطية التي تحد من النمو الاقتصادي، وتبسيط الإجراءات الإدارية. كما يجب العمل على تحفيز ثقافة العمل الجماعي والمشاركة الفعالة بين الأفراد. على المستوى السياسي، ينبغي أن تكون هناك استراتيجية واضحة لدعم هذا النوع من الشركات من خلال تسهيل حصولها على التمويل وتقديم حوافز ضريبية. إذا لم يتم اتخاذ هذه الخطوات، فإن الشركات الأهلية قد تصبح مجرد حلم بعيد المنال في ظل الظروف الراهنة. وبينما يمكن أن تمثل الشركات الأهلية خطوة كبيرة نحو تحسين الوضع الاقتصادي في تونس، فإن النجاح في تحقيق هذه الفكرة يتطلب تفهمًا عميقًا للتحديات الهيكلية والاقتصادية التي تواجهها البلاد. ودون إجراء إصلاحات شاملة في نظام العمل والبيروقراطية، ستظل هذه المبادرة فكرة جميلة ولكن يصعب تنفيذها.



كلمات مفاتيح : الشركات الأهلية ، سياسة تونس الاقتصادية


consultez la page amp

أضف تعليق






اقرأ أيضا


يُنظم مخبر التّفاعلية بين الجامعة والمؤسّسة في علوم التصرّف ... إقرأ المزيد

يستضيف الفضاء الايطالي Oval – Lingotto Fiere في تورينو Xmas Comics 2025 Games، يومي ... إقرأ المزيد

في خطوة تعكس تصاعد التوتر الرقمي العالمي، أوصت مجموعة بريكس جميع ... إقرأ المزيد

اختتمت في العاصمة الفرنسية باريس، بمقر وزارة الاقتصاد في بيرسي، ... إقرأ المزيد

كشفت وسائل إعلام أوكرانية ودولية عن تورط تيمور مينديش، أحد كبار ... إقرأ المزيد

أعلنت السلطات القضائية الفرنسية عن فتح تحقيق رسمي بشأن شبهات ... إقرأ المزيد

تتسلم وزارة الصحة التونسية 47 سيارة إسعاف مجهزة في إطار برنامج ... إقرأ المزيد

حضر المدير التنفيذي للجهاز الوطني للتنمية الليبية محمود الفرجاني ... إقرأ المزيد

كشفت تقارير دولية حديثة عن تعثرات كبيرة يشهدها مشروع نيوم الضخم ... إقرأ المزيد

على الرغم من مرور يومين على اليوم العالمي للتسامح الذي يصادف 16 ... إقرأ المزيد

تعتزم الحكومة الكندية تطبيق مشروع القانون C-12، المثير للجدل، ... إقرأ المزيد

تستضيف مدينة سوسة انطلاقا من يوم 17 إلى 19 نوفمبر، خبراء أفارقة ومن ... إقرأ المزيد

أطلق المعهد الوطنيّ للزّراعات الكبرى INGC وديوان تنمية الغابات ... إقرأ المزيد

بعد افتتاح أكبر متحف آثار في مصر، أعلنت السلطات المصرية عن مطالب ... إقرأ المزيد

يبرز Zohran Mamdani كأحد أبرز المرشحين في سباق رئاسة بلدية نيويورك لعام ... إقرأ المزيد

مع انتهاء الاحتفالات بهالويين، شهد أحد القطارات في بريطانيا ... إقرأ المزيد

صوّت البرلمان الفرنسي بالأغلبية، على إنهاء الاتفاقية المشتركة ... إقرأ المزيد

أعلنت الجمعية الإفريقية للتنمية الجغرافية المكانية (AGEOS) عن ... إقرأ المزيد